عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
تابع لمعة الاعتقاد
58013 مشاهدة
من صفات الله تعالى عند أهل السنة الفعال لما يريد

...............................................................................


أهل السنة يقولون: من صفات الله تعالى: أنه الفعال لما يريد .
ذكر أن أبا بكر رضي الله عنه لما مرض قالوا له: ألا نأتيك بالطبيب؟ فقال: قد رآني. قالوا: ماذا قال؟ قال: هو يقول: فعال لما يريد. يعني: أنه الذي أمرضني وهو الذي قدر علي هذا المرض، وهو الذي يقدر على الشفاء، فهو فعال لما يريد، كل ما يريده فإنه يفعله، ولا يخرج شيء عن إرادته.
وكذلك قال تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ أخبر تعالى بأنه يفعل كل ما يريده.

ثم الإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة شرعية، وإرادة قدرية .
فالإرادة الشرعية: أن الله تعالى أراد من العباد طاعته، وأراد منهم عبادته، وطلب منهم أن يفعلوا هذه العبادات. وهذه الإرادة قد يقع المراد بها وقد لا يقع، فإذا أراد الله من المؤمن الإيمان فوقع كان هذا إرادة شرعية، وأراد من الكافر الإيمان شرعا ودينا فلم يقع فكان هذا إرادة شرعية.
الإرادة الشرعية لا يلزم وقوع مرادها؛ ولكنها تكون محبوبة، إذا أراد الله شيئا دينا وشرعا فإنه محبوب، يحبه الله تعالى، يحب كل ما يريده دينا وشرعا.
وأما القسم الثاني: وهي الإرادة القدرية: فهي إرادة كل ما في الوجود من طاعات ومعاصي. ولا يلزم محبة المراد منها، فالمعاصي واقعة بإرادة الله الكونية القدرية؛ ومع ذلك هي مكروهة لله، لا يحبها؛ ولكنه أرادها كونا وقدرًا، فأراد من الكفار كونًا وقدرًا وقوع الكفر فوقع، وأراد منهم دينا وشرعا وقوع الإيمان فلم يقع، وأراد من المؤمنين دينا وشرعا الإيمان وأحبه فوقع، وكان ذلك أيضا موافقا للقضاء والقدر، فلا يكون شيء إلا بإرادته، يعني: إرادته الكونية القدرية ولا يخرج شيئ عن مشيئته، المشيئة: هي بمعنى الإرادة القدرية الكونية.
وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره يعني أنى قدره عليه، فما قدره على أحد أنه كائن لا محالة، ولا يخرج أحد عن ما قدره عليه، ولا يصدر شيئ عن تدبيره، ما دبره فإنه لابد أن يقع، ولا محيد لأحد عن القدر المقدور يعني عن الذي كتب عليه؛ ولذلك في الدعاء يقول: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
فكل ما قدر الله تعالى فلابد أن يقع، ولا يتجاوز أحد ما خط في اللوح المسطور؛ وذلك لأن الله كتب في اللوح ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكل ما هو كائن لا بد من وقوعه، أراد ما العالم فاعلوه يعني إرادة كونية، كل ما يفعله العالم فإنه مراد لله إرادة كونية.
ولو عصمهم لما خالفوه: لو شاء أن يطيعوه كلهم لأطاعوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه، وقال تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ وقال تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا لو شاء أن يؤمنوا كلهم لآمنوا.
خلق الخلق وأفعالهم: أفعالهم خلق لله تعالى.
وقدر أرزاقهم وآجالهم: ما يحصل لهم من الرزق فإنه بقضاء الله تعالى. وآجالهم يعني الآجال التي حددت لهم لا يتجاوزونها، قال تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وقال تعالى: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ .
يهدي من يشاء برحمته وبفضله: فمن هداه الله تعالى وأقبل بقلبه؛ فإن ذلك فضل منه ورحمة.
ويضل من يشاء بحكمته: من حكم عليه بالضلال؛ فإنه حكمة منه وعدل منه.
من الأدلة: قوله تعالى: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ أي لا أحد يعقب حكمه لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ولا يسأل، ولا يجوز السؤال في أفعال الله عن الحكمة فيها، لا يقال: لماذا خلق الله الحشرات؟ لماذا خلق الله الحيات؟ ولا يقال: لماذا خلق الله المعصية في الكافر؟ لا يسأل عما يفعل؛ بل ما يفعله إلا لحكمة.
من الأدلة: قول الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ أي بمقدار، كل شيء عند الله تعالى بقدر، الأعمار مقدرة، والأرزاق مقدرة، يقول في الحديث: ثم يرسل الله إليه الملك وهو في بطن أمه، فيكتب: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد وكذلك قال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا .